الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
الفتاوى الشرعية في المسائل الطبية (الجزء الثاني)
244400 مشاهدة print word pdf
line-top
شرب حليب الحمير


س 131- يصف بعض الناس حليب الحمير بأنه مفيد لبعض الأمراض كالكحة الشديدة، فهل هذا صحيح؟ وما حكم ذلك في الدين؟
جـ- الحمر الأهلية كانت مباحة في أول الإسلام، وإنما ظهر تحريم أكلها سنة سبع من الهجرة في غزوة خيبر حيث وردت أحاديث كثيرة في النهي عنها، حيث أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- من ينادي في خيبر إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية، فإنها رجس .
وحيث قال لما رأى القدور تغلي بلحمها أهريقوها واكسروها. فقيل: أوَ نهرقها ونغسلها؟ فقال: أو ذاك وقد ذهب الجمهور إلى تحريمها تحريما مؤبدا. وذهب ابن عباس إلى إباحة أكلها؛ وذلك لأنها من جملة الأنعام المسخرة للإنسان، فتدخل في عموم قوله تعالى: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ وقوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ .
وذكر أن تحريمها خوف إتلافها، لأنها كانت حمولة الناس، وقد أنكر على ابن عباس بعض الصحابة، فقال علي -رضي الله عنه- إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية عام خيبر .
وروي مثله عن عمر وابن عمرو وجابر وأنس والبراء وغيرهم بأسانيد صحيحة، وعلى تحريم أكلها أكثر العلماء. قال ابن عبد البر لا خلاف بين علماء المسلمين اليوم في تحريمها. فأما ما روى عن ابن عباس فهو اجتهاد منه، وقد رُوي رجوعه عنه، وعلى هذا لا يجوز شرب حليبها لعلاج السعال ولا لغيره؛ لأن ما حرم أكله حرم العلاج به، ولا يحل إلا للضرورة التي تحل بها الميتة للمضطر، والله أعلم.


line-bottom